أعلنت الجزائر، أمس الأربعاء، مباشرتها التحضيرات من أجل احتضان اجتماع دولي شهر جوان المقبل حول إصلاح مجلس الأمن الدولي. وفي وقت سابق، أفاد بيان لوزارة الخارجية الجزائرية أن الوزير عطاف تبادل مع نظرائه عن دول أوغندا، الكونغو ونامبيا التحاليل بخصوص مستجدات الأوضاع على المستوى القاري، لا سيما التحضير لاجتماع وزاري وصفه بـ “الهام” من المقرر انعقاده بالجزائر شهر جوان المقبل حول إصلاح مجلس الأمن.
ولعل حرب الإبادة في غزة على مدار 8 أشهر فشل فيها مجلس الأمن أكثر من مرة في إيقاف الجرائم الصهيونية المرتكبة بحق الفلسطينيين، الدافع الأبرز لإعادة النظر في تركيبة الهيئة الأممية التي تقع على عاتقها بالدرجة الأولى مسؤولية حفظ الأمن والسلم الدوليين.
مجلس الأمن: هيكلة ومهام
ويتكون مجلس الأمن الذي أنشئ عام 1945 من 10 أعضاء منتخبين و5 أعضاء دائمين هم (الصين والولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة والاتحاد الروسي).
نصف قرن من النضال
في كلمة له خلال الدورة الـ 78 للجمعية العامة للأمم المتحدة، لفت الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون بنيويورك إلى نضال الجزائر منذ حوالي 50 سنة من أجل إصلاح “مكامن الخلل في النظام الدولي الحالي ودعت إلى نظام دولي جديد تكون فيه المساواة بين الدول التي تأسست من أجلها المنظمة الأمم المتحدة”. كما شدد على أن الدفع بعجلة المفاوضات الدولية بشأن إصلاح مجلس الأمن وفق منهج متكامل وشامل ينبغي أن يكون “أولوية للمجموعة الدولية” للتوصل إلى توافق بشأن إصلاح حقيقي يضمن تمثيلاً أكثر شفافية.
شلل مجلس الأمن
إلى جانب ذلك، أبرز الرئيس عبد المجيد تبون في كلمة ألقاها نيابة عنه وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف خلال أشغال القمة الـ5 لمجموعة العشرة التابعة للاتحاد الافريقي بمدينة أويالا بغينيا الاستوائية نوفمبر المنصرم، ما وصفه بـ “الشلل شبه التام” الذي يطال مجلس الأمن راهنا. كما طالب المجموعة الدولية بضرورة إحاطة ملف إصلاح مجلس الأمن الذي قال إنه يطرح نفسه بإلحاح واستعجال كبيرين، بالعناية اللازمة والتعامل معه بكل صرامة وحزم وعزم. على حد وصفه.
فيتو إفريقي
لطالما رافعت الجزائر في المحافل الدولية لإنهاء الإجحاف التاريخي الذي مس القارة الإفريقية، وحقها المشروع في الوصول إلى العضوية الدائمة بمجلس الأمن الأممي من أجل إعلاء صوت القارة ومطالبها المشروعة. وفي كلمة له خلال اجتماع لجنة العشرة للاتحاد الإفريقي المعنية بإصلاح مجلس الأمن للأمم المتحدة المنعقد بمناسبة القمة الـ 36 لرؤساء دول وحكومات الاتحاد الإفريقي بأديس أبابا، جدد الرئيس عبد المجيد تبون في كلمة تلاها نيابة عنه الوزير الأول السابق، التأكيد على ضرورة تمكين إفريقيا من الظفر بمقعدين دائمين في مجلس الأمن ورفع حصة تمثيلها في فئة المقاعد غير الدائمة بهذا المجلس من 3 إلى 5 مقاعد وفقا لما ورد في “توافق إيزولويني” و “إعلان سرت”.
المشاركة البنّاءة
وفي هذا السياق، أعرب الرئيس الجزائري عن أمله في مشاركة المجموعة الإفريقية بـ “طريقة بناءة وفعالة جنبا إلى جنب مع جميع الدول الأعضاء ومجموعات المصالح في المفاوضات الحكومية الدولية المقبلة لحشد الدعم للموقف الإفريقي الموحد، من أجل ضمان تقارب أكبر حول إصلاح مجلس الأمن ودعم دوره في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين بطريقة تجعله أكثر تمثيلاً وحيادية وشفافية ومصداقية”.
انتصار جزائري
لا يمكن إنكار الجهود التي تقودها الجزائر داخل مجلس الأمن بصفتها عضوا غير دائم (2024-2025)، بالتوازي مع التطورات التي تشهدها القضية الفلسطينية منذ السابع من أكتوبر، إذ كرست كل مساعيها لنصرة القضية الفلسطينية كأولوية داخل الجهاز الأممي الذي لم تتوان في تحميله المسؤولية المباشرة حيال ما يحدث في غزة من جرائم صهيونية.
ولعل تحركات الوافد المؤقت (الجزائر) باتت تحرج أعضاء دائمين كانت الكلمة الأولى والأخيرة لهم داخل مجلس الأمن، فبغض الطرف عن الخطابات التي تؤمن الجزائر أنها لم تعد تأتي أكلها مع قتلة الأبرياء والأطفال، وجهت الجزائر جهودها نحو الفعل بتحريك المجموعة الدولية لإسقاط الحصانة عن الاحتلال الصهيوني داخل هياكل الأمم المتحدة، انطلاقا من التقدم بمشروع قانون جزائري لوقف العدوان في غزة إلا أنه قوبل بفيتو أمريكي كان متوقعاً.
الفيتو الأمريكي لم يثبط عزيمة الجزائر التي وعدت بالعودة مجدداً، حيث نجحت في فرض اعتماد مجلس الأمن لمشروع قرار باسم مجموعة العشرة المنتخبين، يقضي بالوقف المؤقت لإطلاق النار في غزة طيلة شهر رمضان الفائت، في خطوة عززت رصيد انتصاراتها للقضايا العادلة خلال مدة وجيزة.
تظهر هذه التحركات الدبلوماسية الجزائرية التزامها الثابت بإصلاح مجلس الأمن وتعزيز العدالة الدولية، مما يعكس رؤية الجزائر لمستقبل أكثر توازناً وشفافية في النظام الدولي.